يُحلق الغراب فوق حقول الصعيد الجميلة بمنظرها الخلَّاب الساحر وعتمة الليل تضفي عليها بعضًا من الهيبة والهدوء، يتوقف الغراب على حافة بيت من البيوت القديمة المتهالكة ليسترق السمع إلى أم تبكي بحرقة شديدة يكاد أنينها أن يخترق السماء ويرجها رجًّا، ودموعها الدافئة الحزينة تخفي ملامح وجهها العجوز المُتعب، مصطفى يقف أمامها لا يعرف ماذا يقول أو يفعل، لا يستطيع حتى مواساتها أو إيقاف هذه الدموع الغالية التي تقتله من الداخل فور رؤيتها، فقال لها بصوت ناعم حزين يحاول مُداعبة قلبها واستعطافها.