يبدو أن الزمن لا يريد للجرح أن يلتئم بعد كل تلك السنوات التي ظنت فيها أنها قادرة أن تتعايش مع واقع حياتها الأليم، حتى يد الزمن التي كانت تتوقع أنها ستحنو عليها وتكون كفيلة بتضميد هذا الجرح الغائر في نفسها أبَتْ أن تشفق عليها لتعيد فتح هذا الجرح مرة أخرى.
عندما سمعت صوت طَرقٍ على باب منزلها في تلك الساعة المبكرة لتجد أمامها ذلك الشخص التي ما كانت تتوقع أن يطرق باب منزلها، علمت من ملابسه الرسمية المطبوع عليها شعار “fedex” هويته، ألفت هيئته وأسلوبة المهذب دائمًا عند تقديم الطرود إليها في جهة عملها عندما كانت ترسل أو تستقبل بعض عينات تحتاج التحليل خارج البلاد، إما أن يأتي الآن إليها بصفة شخصية بعد أن تركت العمل! فهذا ما يثير علامات الاستفهام البادية على ملامحها حتى وهي تجاوب بالإيجاب عندما سأل عن هويتها.
استلمت فريدة الطرد المغلق بإحكام قبل أن تتبادل ابتسامة ود مصطنعة، لم تستطع أن تخفي خلفها قلقها من ذلك المظروف الأصفر الذي فتحته بسرعة بمجرد أن غادر رجل “fedex” عتبة المنزل لتجد في طياته عدة أوراق مكتوبة على حاسب آلى بدت للوهلة الأولى لها أنها رسالة موجهة إليها بتلك الطريقة البدائية في عصر الإنترنت وثورة المعلومات!
حاولت عبثًا معرفة اسم الباعث إليها بتلك الرسالة حتى قبل أن تعرف مضمونها. بحثت عن اسمه على المظروف الخارجي والذي لم تتبين منه إلا اسمًا أجنبيًّا، ما تظنها سمعت عنه من قبل خوسية دييغو! لم يكن لديها أدنى شك أن صاحب هذا الاسم هو شخصٌ إسباني من اسمه ومن بلد المصدر التي ظهر عليها مكان الإرسال “إسبانيا”، إلا أن الرسالة كانت بالعربية والتي قلبت ورقاتها الأربع المكتوبة على الحاسب الآلي غير مذيَّلة بتوقيع مما أثار الريبة في قلبها. إلى جانب ورقة أخرى مكتوبة بخط يدٍ تظن أنها تعرفه، ورقة صغيرة مكتوب عليها كلمات محدودة أدخلت الرعب في قلبها وكأنها تسمعها بصوت صاحبها المرتعش والذي ما زال مجهولاً لها.