لا أعرف لماذا اختار شوارع سالم لتكون بداية لقصتي هذه ، ولكنها هي من بدأت من عندها الحكاية ، شوارع سالم منطقة أعرفها وأحفظها كظهر يدي ، عشت فيها مجمل حياتي متنقلا من مكانا للآخر بانسيابية ثعبان حاذق ، طفلا مشاكسا كنت ، طفت شوارع سالم كما يطوف النسر حول فريسته ، اقتنصت منها لحظات حياتي تقريبا ، هبطت إليها من أعلى ، من منطقة شرقية في حضن الجبل حيث الهدوء الذي تتنفسه كل صباح ، كانت شوارع سالم مكتظة بمئات من الأشكال والبشر ، في تلك المنطقة من شوارع سالم وفي بلوكات قديمة انتشرت حياة جديدة عليّ ، وبالنسبة ليّ كانت جديدة كل حياة ، في وقت تمردتُ فيه على حبسي في البيت تهربا من اللعب مع العيال؛ لأنني كنتُ أبدو أمامهم ضعيف الحيلة ، وكنتُ معرضا دوما لعلقة من أي أحد في معاركي التي أدمنتها ، وكانت أمي شديدة الفزع عندما تراني مصابا بجروح جديدة ، ولكنني غلبت أن أفهمها أنها ضريبة التواجد في شارع سالم